الذكاء الاصطناعي والضمور الفكري!

نوفمبر 2, 2025
جهاد نورجهاد نور

الذكاء الاصطناعي، ثورة تقنية جبارة وقد تصل قوته لمنافستنا في أدوارنا وفرص عملنا، فالذكاء الاصطناعي يتطور يوميًا، لدرجة يصعب فيها رصد التحديات المتنامية في هذا الشأن.

وبعيدًا عن إمكانية أخذ أدوارنا ووظائفنا، هناك جانب مظلم للذكاء الاصطناعي، يجب أن نخشاه ونعمل لتلافيه، وهو التأثير على المهارات المعرفية والقدرة على التعلم.

تراجع مهارة التفكير

مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، يُحذّر الخبراء من أنه قد يُضعف مهاراتنا في التفكير النقدي ويُغيّر العمليات المعرفية الأساسية، وبالطبع لا يتعلق الأمر بتجنب استخدامه، فدمج الذكاء الاصطناعي ضروري ولا بديل عنه بالطبع.

ماذا وجدت الأبحاث؟

ووفقًا لدراسة حديثة نشر موقع "Ie university"، نتائجها والتي ركزت على العلاقة بين استخدام الذكاء الاصطناعي والمهارات المعرفية، وجدت علاقة عكسية بين الاستخدام المتكرر للذكاء الاصطناعي وقدرات التفكير النقدي، مما يُشير إلى أن الأفراد الذين يعتمدون بشكل كبير على الأدوات الآلية قد يواجهون صعوبة في التفكير المستقل، لأن مستخدمو الذكاء الاصطناعي ينخرطون بشكل أقل في التفكير العميق والتأملي، ويفضلون بدلاً من ذلك الحلول السريعة المُولَّدة من الذكاء الاصطناعي.

التدهور الفكري للفئات العمرية الصغيرة

وفي دراسة أخرى أجراها المركز السويسري لأبحاث استشراف الشركات والاستدامة SBS في كلوتن-زيورخ، سويسرا، بقيادة الباحث مايكل غيرليش شملت 666 مشاركًا من خلفيات عمرية وتعليمية ومهنية متنوعة، تم تقسيمهم إلى ثلاث فئات عمرية: الشباب (17-25 سنة)، متوسطي العمر (26-45 سنة)، وكبار السن (46 سنة فما فوق).

كشفت النتائج عن وجود علاقة سلبية كبيرة بين الاستخدام المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي ومهارات التفكير النقدي، ووجدت أنه كلما زاد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، انخفضت درجات التفكير النقدي لدى المشاركين.

حلول استباقية لمواجهة الخطر المحتمل

كل المخاوف السابق ذكرها لا تعني على الإطلاق التوقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي لكنها تضعنا أمام تحدي الحد من مخاطره، فبدلاً من الحظر المطلق، يجب أن تختار المدارس نهجًا مرنًا ومنضبطًا من خلال الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي مع تطوير التفكير المستقل لدى الطلاب.

ومن أبرز الأمثلة في هذا الشأن ما تقوم به جامعة أكسفورد، حيث يتم تشجيع الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة تعليمية، بشرط أن يكون استخدامه شفافًا، خاصة في الامتحانات، وتتخذ جامعات هارفارد، وستانفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكامبريدج، موقفًا مماثلًا: إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأفكار، والتحقق من القواعد النحوية، وتجميع المعلومات، ولكن لا ينبغي له أن يحل محل الجهود الفردية بشكل كامل.

وفي آسيا، أوضحت الجامعة الوطنية في سنغافورة، وجامعة تسينغهوا أن استخدام الذكاء الاصطناعي، يجب أن يتوافق مع القواعد المتعلقة بالنزاهة الأكاديمية وخصوصية البيانات، بينما فرضت بعض المدارس، في بكين، عقوبات صارمة، بما في ذلك إلغاء الدرجات العلمية، إذا تم اكتشاف الاحتيال في مجال الذكاء الاصطناعي.

حظر الذكاء الاصطناعي لن يمنع الناس من استخدامه، ففي عصرٍ أصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من معظم البرمجيات، فإن حظره سيشجع الطلاب على استخدامه سرًا ودون إشراف، مما يُحرمهم من تعلم كيفية استخدامه بمسؤولية، فالمشكلة ليست في الأدوات، بل في غرضها وكيفية استخدامها.

وكما كانت الآلات الحاسبة محظورة في الفصول الدراسية حتى بضعة عقود مضت، ولكنها أصبحت الآن أدوات لا غنى عنها، فإن الذكاء الاصطناعي سوف يصبح جزءًا طبيعيًا من البيئات الأكاديمية والمهنية.

إذا لم يتم تدريب الطلاب بشكل صحيح على استخدامه، فإنهم سيفقدون ميزتهم عند دخول سوق العمل.

وفي الأخير الذكاء الاصطناعي ثورة مذهلة، ولكن يجب مراقبة استخدامه بما لا يهدد عقولنا كبشر قادرين على التفكير والتطوير فبالتأكيد الذكاء الاصطناعي سيواصل التطور، والإنسان عليه مواصلة التكيف معه حتى لا تقوده الآلات.

مقالات شائعة

Share:
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram