نبرة وعبرة..

أكتوبر 27, 2025
أميرة نضالأميرة نضال

 

هل للحرف أثر.. ومتى تموت الكلمة في نفس متلقيها؟
الكتابة وسيلة تُبطئ اللحظة وتُحيي الشعور، نستخدمها منذ القدم، فقد نقلت رسالة رسولنا عليه الصلاة والسلام ألا وهي الإسلام، وعاصرت التاريخ وحفظته منذ أن كان الإنسان البدائي يكتب على جدران الكهوف، والفراعنة يرسمون على الصخور، كما فعل الإغريق والصينيون القدماء الذين استخدموا الكتابة لنقل المعرفة والحكمة عبر العصور، وحتى يومنا هذا، تظل الكلمة حيّة، جسرًا بين العصور والأجيال، تسمح للإنسان أن يترك أثره ويفتح نافذة على عقله ووجدانه.

في عصرنا الحالي، قد تكون الكتابة مهربك الأول لتعيش اللحظة مع نفسك وتكتب ما يمليه صدى قريحتك.

هل جربت أن تكتب شعورك العائم أو أفكارك الصاخبة وتخاطب نفسك بها؟ أثبتت الدراسات في علم النفس فعالية الكتابة في تنظيم الأفكار وتخفيف التوتر النفسي، فهي تساعد الدماغ على ترتيب الأفكار، ومواجهة المشاعر بدل قمعها، وتطوير الذكاء العاطفي، وكل ما تحتاج إليه ورقة بيضاء، قلم، ويدك ستبدأ بالاسترسال وحدها، أتذكر أنني في أحد الأيام شعرت بالحيرة والارتباك، وجلست أمام ورقة بيضاء وبدأت الكتابة بلا ترتيب، وبعد دقائق قليلة شعرت بأن أفكاري اتضحت ومشاعري هدأت، لطالما كانت الكتابة الخيار الأول لما يجول في مُخيلتي، من أفكار إلى قرارات أو حتى كلمات عشوائية لا معنى لها.

 

من وجهة نظري الشخصية، الكتابة فطرة، أنت من يُخرجها أو يهمشها، لكن احتياجنا لها لا يقتصر فقط على الاستخدام اليومي، بل هي منفذ لك ولروحك العالقة في الداخل، ربما مر عليها الزمن وما زالت بداخلك، أو فقدتها بين بعثرة أيامك، لكن الأكيد أن الداخل مليء بما تستطيع استرجاعه وعيش اللحظة معه، أو ببساطة التخلص من رماده.

 

أما من الناحية العملية، فالكتابة خيطٌ رفيع بين المرسل والمتلقي، فعندما تُخاطب العميل وتقنعه.. حروفك هي الأساس ولولا الحروف لكان التواصل عقيمًا بلا جدوى، فنحن عندما نكتب المقالات أو نعمل على الحملات الإعلانية، نكتب بلغة المتلقي ووفقًا لعقليته، وليس لعقلية الكاتب نفسه، لذا سترى الكاتب يتلون بين مجالات عدة ليخاطب عقول مُختلفة، وأعمارًا واهتمامات مُتنوعة، فالكاتب الناجح هو من يستطيع الوصول ولفت نظر القارئ، مستخدمًا الكلمات كجسر للتأثير والإقناع.

 

للكلمة صوت يتردد صداه فمن كلمة قد يتغير معنى ويبنى جسر ويتغير فكر..

كم كلمة بقيت في أذهاننا لم تمر..

من كلمة.. تبدأ الحكاية!

فكيف ستختار عنوانك؟  وماذا ستسطر بين صفحات رواياتك؟

للكتابة ذاكرة لا تخون، قد يختفي الشعور ويعود عند أول نصّ كتبته، وفي الكتابة سحرٌ لا يزول، وإن زال سيبقى أثره عالقًا في أذهان الكثير من المتُلقين.

 

في النهاية، الكتابة ليست مجرد وسيلة لنقل الأفكار، بل رحلة مع الذات، فرصة للتأمل، وفن للتواصل مع الآخرين، لذا أكتب ولا تخف من أن تترك للكلمة أثرًا في داخلك أو في قلب متلقيك.

 

مقالات شائعة

Share:
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram