درس من عالم تطوير الأعمال

نوفمبر 13, 2025
رشا المالكيرشا المالكي

في عالم تطوير الأعمال، لا أحد يصل إلى القمة بخط مستقيم، فطريق النجاح مليء بالمحاولات، والعروض غير المقبولة، والصفقات التي توقفت عند آخر لحظة، ومع ذلك، فإن كل فشل في هذا الطريق يحمل في طياته صفقة مؤجلة، ليس بالضرورة مع عميل أو مشروع، بل مع الخبرة والنضج والفهم الأعمق للسوق والذات.
من يعمل في هذا المجال يدرك أن الفشل ليس سقوطًا، بل تدريب مستمر على النجاح، فكل عرض يُرفض هو تمرين على الإقناع، وكل تفاوض غير مكتمل هو درس في التوقيت، وكل صفقة لم تتم هي تجربة جديدة في قراءة العملاء والأسواق، فالنجاح لا يعلّمك سوى كيف تستمر، أما الفشل فيعلّمك كيف تبدأ من جديد بطريقة أفضل. إنه الوجه الآخر للنمو المهني، والوقود الحقيقي للابتكار.

في بيئة تتغير فيها الاحتياجات باستمرار، لا توجد صفقة خاسرة تمامًا، فالعميل الذي يرفض اليوم قد يعود غدًا بعد أن يكتشف حاجته الفعلية إلى منتجك أو خدمتك، لذلك، يدرك المحترفون أن “لا” ليست نهاية الحديث، بل بداية حوار مؤجل، وأن العلاقات التجارية لا تُبنى في يوم واحد، بل في تتابع الثقة والمصداقية والمتابعة الذكية. والصبر هنا ليس انتظارًا سلبيًا، بل استثمارًا طويل المدى في العلاقة الإنسانية قبل الصفقة المالية.
الفرق بين من يتوقف عند الفشل ومن يتجاوزه هو طريقة النظر إليه، فالبعض يراه خيبة، فيما يراه آخرون مصدرًا لبداية النجاح، فكل خسارة تكشف ثغرة في العرض، أو فجوة في فهم احتياجات العميل، أو فرصة لتحسين المنتج، ومن رحم تلك الخسائر تتولد أفضل الاستراتيجيات وأكثرها نضجًا، وفي تطوير الأعمال، الخبرة الحقيقية لا تأتي من عدد العقود الموقعة، بل من عدد المرات التي واجهت فيها الرفض وقررت أن تعيد المحاولة.

الفشل إذًا ليس نقيض النجاح، بل شريكه الصامت، إنه الصفحة التي تسبق الإنجاز في كل قصة مهنية حقيقية، ومن يملك الشجاعة الكافية للنظر إليه كصفقة مؤجلة، يدرك أن كل “لا” اليوم تحمل في طياتها “نعم” غدًا، وكل فرصة ضائعة تمهد لأخرى أنضج وأكثر قيمة.
وفي عالم المنافسة الشرسة، لا يكفي أن تكون صاحب أفضل منتج أو أذكى فكرة، بل عليك أن تمتلك النفس الطويل، والقدرة على التواصل المستمر وبناء الجسور التي قد تبدو غير مهمة في البداية لكنها تصبح لاحقًا أساسًا لفرص كبيرة، فالعميل لا يختار دائمًا الأفضل ، بل من يثق به أكثر، ومن يتواجد في اللحظة المناسبة، لذلك، فإن تطوير الأعمال هو فن الجمع بين المعرفة بالسوق، والذكاء العاطفي في فهم الناس، والجرأة في اقتناص الفرص عند ظهورها، ومن يدرك هذه الحقيقة، سيجد أن النجاح ليس احتمالًا بعيدًا، بل نتيجة حتمية لكل جهد لا يتوقف.

وفي النهاية الفشل والنجاح وجهان لعملة واحدة في رحلة الأعمال، ومن يتعلم كيف يحوّل كل صفقة مؤجلة إلى فرصة حقيقية، يكون قد أدرك سر الاستدامة والتفوق المهني في عالم الأعمال سريع التغير.

مقالات شائعة

Share:
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram